المفكر الجزائري مالك بن نبي

مالك بن نبي أحد أعلام الفكر الاسلامي

المفكر الجزائري مالك بن نبي
مالك بن نبي

مالك بن نبي هو أحد أعلام العرب المتخصّصين في مجال الفكر الإسلاميّ خلال فترة القرن العشرين، وهو أحد الأشخاص الذين ساهموا في إحداث نهضة فكريّة إسلاميّة في العالم، ويُعتبر واحداً من الأشخاص الذي أكملوا مسيرة ابن خلدون.


كانت جميع اهتمامات مالك تصبّ حول مشاكل الحضارة التي حثّ على العناية بها، وكانت جهود مالك تعتمد بشكل رئيسيّ على الأسلوب التحليليّ؛ حيث يعرض في كتاباته أبعاد المشكلة، والعناصر الرئيسيّة التي يعتمد عليها في عمليّة الإصلاح.

منشأ مالك بن نبي

ولد المفكر المسلم الجزائري "مالك بن نبي" في 05 ذي القعدة 1323هـ الموافق لـلفاتح من جانفي 1905م بمدينة قسنطينة؛ و هو ابن الحاج عمر بن الخضر بن مصطفى بن نبي.

انتقلت به أسرته و هو ما يزال طفلا إلى تبسة، أين بدأ يتردد على المدرسة القرآنية فحفظ حزب "سبح" فقط خلال أربعة سنوات.

واصل تعليمه المدرسي بعد انقطاعه من الكتاب،وكان متفوقا في المدرسة حيث نال شهادة الدراسة الإبتدائية بدرجة جيد.

انتقل بعدها إلى التعليم الثانوي بقسنطينة و هناك لم تكن تهمه دروس الثانوية فحسب بل كان يحضر دروس الفقه للشيخ " ابن العابد" و دروس النحو العربي و الصرف على الساعة السابعة من كل صباح أي قبل الإلتحاق بالثانوية في الجامع الكبير.

سافر مع أحد أصدقائه المقربين إلى فرنسا، وهو يبلغ من العمر عشرين عاماً، إلّا أنّ رحلته كانت تجربةً محبطةً له بكل المقاييس، وعاد بعد ذلك إلى مدينته التي نشأ فيها، وعمل بعد ذلك في محكمة آفلو،واستطاع في تلك الفترة أن يعلم الكثير من مجريات الأحداث في البلاد، والعالم، وبحلول عام ألف وتسعمائة وثمانية وعشرين استقال مالك من وظيفته بعد شجار دار بينه وبين أحد الكتّاب الفرنسيين التابعيين للمحكمة المدنيّة.

مالك بن نبي: الدراسة و العمل

انتقل في الثلاثينيات إلى فرنسا، وتمكّن من الالتحاق بمدرسة اللاسلكي، وتخرّج من المدرسة كمساعد مهندس، وتزوج بعد ذلك من فتاة فرنسيّة، وشرعت له فرنسا في ذلك الوقت أن يتحدّث حول العديد من القضايا، وكتب العديد من الكتب والمؤلفات الكثيرة، وبحلول الثورة الجزائريّة هرب مالك من فرنسا إلى مصر، وعاد إلى فرنسا وزوجته بحلول عام ألف وسبعمائة وإحدى وسبعين. فكره و انجازاته:

بعد ثلاثين عاما من العيش في فرنسا، رحل فيلسوفنا إلى مصر عام 1956. وفي القاهرة عمَّق مالك معرفته باللغة العربية، وقد كانت الفرنسية غالبة على لسانه وقلمه من قبل، وهناك ترجم له د. عبد الصبور شاهين عددا من أهم كتبه ترجمة بديعة، فاشتهر ذكر مالك، وتعرَّف عليه الأكابر بمصر والشام.

كما بنى مالك صلة بالرئيس عبد الناصر، وخصصت له القيادة المصرية راتبا شهريا مكنه من التفرغ للكتابة والمحاضرات خلال سبع سنين.
وفي مرحلته القاهرية اندلعت الثورة الجزائرية المجيدة، فجرد مالك قلمه لها، وكتب الكثير عنها. عاد مالك إلى الجزائر عام 1963 وفيها تقلد عدة مناصب أكاديمية، منها منصب مستشار للتعليم العالي، ثم مدير جامعة الجزائر، ثم مدير التعليم العالي، لكنه استقال عام 1967 مؤثرا التفرغ للعمل الفكري إلى أن وافاه الأجل يوم 31 أكتوبر 1973.

وخلف ثروة فكرية رائعة من حوالي ثلاثين كتابا، نشر منها حتى الآن حوالي العشرين،ولا تزال بعض أعماله مخطوطة لم تنشر.

أهم أعمال و مؤلفات مالك بن نبي هي:

الفكر التجديدي لمالك بن نبي

يمكن إجمال الجهد التجديدي لمالك بن نبي في مجالين: مجال الدراسات القرآنية ومجال فكر النهضة. ففي الدراسات القرآنية ابتكر مالك –بالتوازي مع الدكتور محمد عبد الله دراز الذي قدم له كتابه "الظاهرة القرآنية"- منهجا جديدا للبرهنة على أصالة الرسالة القرآنية، يعتمد التحليل المنطقي والتاريخي أكثر من التحليل البياني اللغوي. وفي مجال النهضة كتب مالك جل كتبه، وهو ما نركز عليه هنا.

لقد قدم مالك بن نبي إسهامات جليلة في تجديد الفكر الإسلامي المعاصر وتنقية المنبع الفكري الذي استمدت منه حركة النهضة منذ ختام القرن التاسع عشر.وأصبحت بعض المصطلحات التي نحتها مالك على كل لسان.ومن ذا الذي لم يسمع بمقولاته حول العلاقة بين "الاستعمار" و"القابلية للاستعمار"؟ والصلة بين "الأفكار الميتة" و"الأفكار المميتة"؟ ومراحل تطور الحضارة الإسلامية من "طور الروح/الصعود"، إلى "طور العقل/الامتداد"، إلى "طور الغريزة/الانحطاط" ؟

أزمة المجتمع المسلم

وقد توصل مالك بن نبي إلى أن أزمة المجتمع المسلم هي أزمة منهجية عملية في الأساس،وأن التحدي الرئيس الذي يواجه المسلمين هو تحدي النهضة.وصاغ نظريته في التغيير الاجتماعي على أساس مبدأ الفاعلية.

وقد أخذ مالك على بعض حركات الإصلاح التي ظهرت في العالم الإسلامي مطلع القرن العشرين إغراقها في الحديث عن العقائد المجردة على طريقة علم الكلام القديم،وتفريطها فيما دعاه "الفكر الفني الذي يعجل بحركة التاريخ".

ففقدت هذه الحركات رسالتها ودورها التاريخي،كما يقول مالك، لأن "المسلم لم يتخل مطلقا عن عقيدته، فلقد ظل مؤمنا..ولكن عقيدته تجردت من فاعليتها، لأنها فقدت إشعاعها الاجتماعي…وعليه فليست المشكلة أن نعلِّم المسلم عقيدة هو يملكها،وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة فاعليتها، وقوتها الإيجابية، وتأثيرها الاجتماعي.وفي كلمة واحدة :

 إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم على وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده.
المنشور اللاحق المنشور السابق
لا توجد تعليقات
أضف تعليقك
comment url