تحميل كتاب دين ضد دين لعلي شريعتي

دين ضد دين لعلي شريعتي
كتاب دين ضد دين لعلي شريعتي

ملخص كتاب دين ضد دين لعلي شريعتي

إن علماء الإجتماع يعتقدون اليوم أكثر من المسلمين أنفسهم بأن الإسلام هو دين اجتماعي واقعي يؤمن بالطبيعة والإقتصاد والإجتماع بل هو دين سياسي بحت، فقد عدّ القرآن الكريم "القائمين بالقسط" في عداد "الأنبياء" و" حزب الله الغالبين" ووعد المستضعفين الذين سحقتهم الانظمة اللاإنسانية بإمامة الناس ووراثة الأرض مشيراً إلى أن هذا الامر سيتحقق لا محالة وأنه أمر جبري ومحتوم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على الحياة المادية بصفتها مقدمة جبرية للحياة المعنوية ويعلن رسميا أن: "من لامعاش له لا معاد له" وقد وقف عليه السلام حياته في سبيل تحطيم نظام الترف الفكري والإجتماعي والاخلاقي والاقتصادي.

فكيف يمكن مقارنة هذا الدين مع الدين الصوفي الذي يعتقد بأن فوز الإنسان وفلاحه لا يتحقق إلا بالزهد والعبادة والرياضة والإنزواء واعتزال المجتمع والمصير الإجتماعي بل حتى نسيان المجتمع والعالم؟!وكيف يمكن الحكم على هذين الشيئين المتناقضين والقطبين المتضادين بحكم واحد؟؟

فهل يمكن أن يكون هنالك مفكر عاش المجتمع الإسلامي وحصل على حد أدنى من المعرفة عن الإسلام ولم يستطع التمييز بين الإسلام (الدين الحاكم في التاريخ) والإسلام (الدين المحكوم والضحية والشهيد) وهل يصح له أن يصدق بأن الخلافة الاموية والعباسية والحكومات الوارثة لها هي استمرار حقيقي لرسالة نبي الإسلام؟؟!!

إن هذا الإعتقاد هو بدرجة من السذاجة بحيث أننا لا نجده إلا بين العوام الذين كانوا ضحية لأجهزة الجبابرة ومن المستحيل أن نراه بين المفكرين الواعين الذين يعرفون تاريخهم حق المعرفة".

"إن الدين الذي يبرّر الفقر ويحرص على بقائه كان يبرر العبودية أيضا وكان يخدّر الناس ويخدعهم لصالح الملأ والمترفين.الدين القائل "إن الله لا يهتم بكظّة ظالم وسغب مظلوم" يجعل من الشعور الديني مادة تخدير تعزل الناس عن المجتمع وتزهّدهم في الأمور المادية لصالح أولئك الملأ الذين يستأترون بها دون غيرهم.

إن الدّين الذي أنكر دائما مسؤولية الناس في حقهم في تقرير مصيرهم وبرّر الوضع الظالم عبر التاريخ مستغلا بذلك معنوية الناس وشعورهم الديني القوي. هو الذي كان يوحي للناس بأن الجوع والحرمان والمرض هو علامة على رضا الله ودليل على وجود الأهليّة اللاّزمة للتكامل والكمال وهو الذي يفتح لكل شخص حسابا خاصّا بالنسبة للإعتقاد بالنسبة بما وراء الطبيعة ليبدّل الجمع إلى أفراد والحضور إلى انزواء.

وهو الذي يسلب من الناس حق الحياة والتمتّع والتملك والتّحكم ويقوم بكل هذا من أجل الطبقة الحاكمة مستخدما بذلك الوعد والوعيد والتبرير".

"لقد كان دين "الملأ" ينتج الأفيون للمجتمع بانتاجه لمواعظ من هذا القبيل : "أنتم لستم مسؤولين لأن كل ما يحصل هو حاصل بإرادة الله ومشيئته".."لا تشكوا من الحرمان ولا تتألموا فإنكم ستجزون في مكان آخر"..."اصبروا على كل شئ لكي يضاعف الله لكم الأجر".

وهكذا كانوا يخمدون احتجاج الفرد ويجمدون حركته الإرادية.كان الجبابرة يستخدمون العنف في مواجهة الناس واخماد ثوراتهم.لكن الدين كان ينتهج طريقة أخرى في وأد النهضة وردّالإنتقاد واخماد ثائرة الغضب والإحتجاج وهي تبرير الموقف بطريقة كهذه "إن كل ما حصل قد حصل بمشيئة الله،فأي احتجاج واعتراض سيكون بمنزلة الإحتجاج على الله ومشيئته".

على الضفة الأخرى يقف دين الحق في مقابل هذا الدين التخديري التبريري الماكر الذي سلب من الناس شعورهم بالمسؤولية وبرّر التمييز الطبقي والعرقي في المجتمعات عبر التاريخ".

"إن الدين هو شعور ينبثق عن وعي الإنسان ومعرفته بنفسه ويدعو الإنسان إلى الكمال عن طريق تقديس القيم السامية من قبيل: الجمال والخير والبصيرة واللطف والإرادة والحرية والمعرفة والكمال والهداية والعزة والعدالة والحق ومناهضة الظلم والجهل والضعف والذل...وتجتمع كل هذه القيم في إطار التوحيد الذي يعدّ أكثر الأطر الدينية شمولاً،في معبود واحد وهو الله تعالى عز وجل.

أما إذا استغل الدين من قبل السلطات الحاكمة لحفظ مصالحها فستحصل أسوأ فاجعة يسحق فيها الإنسان في الأنظمة المعادية للإنسانية ويصبح الدين شهيداً في سجلات التاريخ.

إن رسالة المفكر الحر تتجلى في إنقاد هذه الضحية واحياء شهيد التاريخ لا نفيه وتكذيبه وتلويثه،فإن لم يقم المفكر الحر لذلك فإنه يكون شريكا لأعداء البشرية من الجلادين والسحرة والكهنة والفراعنة الذين اغتالوا الدين وأردوه قتيلاً خدمة لمصالحهم الطبقية الضيقة.

نعم لقد لعبت الأديان الرسمية دوراً طبقيا قذراً ضد الناس والإنسانية ولصالح الطبقات الحاكمة،ولكن ألم يكن للفلسفة والعلم والفن والأدب والصناعة نفس الدور عبر التاريخ؟؟

إذن ماذا على المفكر المسؤول أن يفعل؟؟ هل عليه أن يحرر هذه القيم من الإستئثار الطبقي أم عليه أن ينفيها من الأساس ويقف بوجهها بشكل مطلق؟؟".


المنشور اللاحق المنشور السابق
لا توجد تعليقات
أضف تعليقك
comment url